لن يكون مساء 31 أكتوبر من سنة 2025 عابرًا في ذاكرة المغاربة.. فمنذ ساعات الصباح الأولى، كانت المقاهي، والشوارع، ومنصات التواصل، وحتى أحاديث المارة، تنبض بانتظار لحظة الحسم في مجلس الأمن بشأن مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
كان هناك شعور جماعي استثنائي: شيء كبير سيحدث هذه المرة، وعلى بلد كامل أن يشهده موحدًا.
مع اقتراب الثامنة مساءً، بدت البيوت كما لو أنها توقفت عن التنفس؛ أعين المَلايين كانت مشدودة إلى الشاشات، وقلوبهم معلقة بتصويت سيُعيد رسم الفرق بين مغرب الأمس ومغرب الغد… بين مغرب ما قبل 31 أكتوبر وما بعده.
دقائق قليلة كانت كافية ليصل الخبر السعيد من مجلس الأمن: العالم يعترف مجددًا بعدالة القضية، ويدعم مقترح المغرب بحل سياسي واقعي، وبالحكم الذاتي كأفق وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.
ومن لحظة الإعلان إلى الشوارع… تحوّل الترقب إلى انفجار للبهجة. خرج المغاربة من طنجة إلى الكويرة؛ أطفال، شباب، نساء، شيوخ.. كلهم يحتفلون بفرحة وطن لا يتجزأ. رايات تُرفع، رقص وأهازيج، زغاريد تتعانق مع أبواق السيارات.. كان الوطن في هذه الليلة كجسد واحد يصفق بقوة قلبه.
وفي ذروة الفرحة، ازدادت الليلة بهاءً حين فوجئ المغاربة بخطاب ملكي في لحظة وطنية خالدة.
تسمر الجميع أمام الشاشات مرة أخرى، ليصغوا إلى الملك محمد السادس وهو يجسد نبض الأمة بصوت هادئ وحازم يؤكد مرةً أخرى أن المغاربة فعلاً نسيج وحدهم، حيث حرص الملك على التأكيد أن الانتصار الدبلوماسي ليس بالضرورة فوزًا على حساب أحد، مادًّا يد الأخوة إلى سكان تندوف، وموجهًا رسالة صريحة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأن المستقبل لا يُبنى بالخصومات، بل بالصلح والتعاون.
حتى عدد من المشاهير، من فنانين ورياضيين، نزلوا للساحات ونشروا فيديوهات، ليس كنجوم هذه المرة بل كمواطنين، يؤكدون أن هذا الانتصار شعور جماعي يشمل الجميع.
وعلى مواقع التواصل، احمرّت الشاشات واخضرّت بألوان العلم، وأصبح المغربي لا يحتاج إلا إلى رايته ليقول كل شيء.
لقد أثبت المغاربة، مرة أخرى، أنهم على قلب رجل واحد حين يتعلق الأمر بوحدتهم الترابية. لم تكن مجرد احتفالات؛ كانت تجديدًا لعهد الوفاء للوطن، وتأكيدًا أن الصحراء في قلوب المغاربة قبل أن تكون على خرائطهم.
وربما لم يكن تزامن الحدث مع ذكرى المسيرة الخضراء صدفة. فبين 6 نونبر 1975 و31 أكتوبر 2025، أعلن المغاربة للعالم أجمع: الصحراء مغربية… وستظل كذلك إلى الأبد.
